الإمام أبو محمد عبد الملك بن هشام مهذب سيرة ابن إسحاق

 

هو أبو محمد جمال الدين عبد الملك  بن هشام بن أيوب الحِمْيريٌّ المُعَافِرِيٌّ، مؤرخ، كان عالما بالأنساب واللغة وأخبار العرب. توفي لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الآخر سنة 208هـ بمصر(1).

قال الإمام السهيلي –رحمه الله-:" من مصر، وأصله من البصرة، وتوفي بمصر سنة 213هـ، وله كتاب في أنساب حِمْيَر وملوكها، وكتاب في شرح ما وقع في أشعار السِّير من الغريب.... (2).

كان  له –رحمه الله-الفضل في جمع سيرة ابن إسحاق وتحريرها واختصارها ونقدها والاستدراك عليها وذكر بعض الروايات التي فاتت ابن إسحاق ولم يذكرها.

حتى أصبحت سيرة ابن إسحاق تعرف بسيرة ابن هشام، لكونه له الفضل في الحفاظ عليها، والعناية بها.

قال رحمه الله في مقدمة كتابه: "وأنا إن شاء الله مبتدئ هذا الكتاب بذكر إسماعيل بن إبراهيم، ومن ولد رسول الله من ولده، وأولادهم لأصلابهم (....) وتارك بعض ما ذكره ابن إسحاق في هذا الكتاب مما ليس لرسول الله فيه ذكر، ولا نزل فيه من القرآن شيء، وليس سببا لشيء من هذا الكتاب، ولا تفسيرا له، ولا شاهدا عليه، لما ذكرت من الاختصار، وأشعارًا ذكرها لم أر أحدًا من أهل العلم بالشعر يعرفها، وأشياء بعضها يشنع الحديث به، وبعض يسوء بعض الناس ذكره، وبعض لم يقر لنا البكائي (3) بروايته؛ ومستقص إن شاء الله تعالى ما سوى ذلك منه بمبلغ الرواية له والعلم له" (4).

لقد  امتازت سيرة ابن هشام بذكر الخبر الواحد مكررا، عدة مرات لينسبه في كل مرة إلى راويه، وهذا مهم ومفيد لمن أراد الوقوف على مختلف الأقوال والروايات.

هذا كما يشير ابن هشام في أحيان كثيرة إلى عدم صحة النسبة في أسماء من شهد المواقع وغيرها، كما "حذف منها الكثير من الإسرائيليات والأشعار وأضاف إليها معلومات في اللغة والأنساب، مما جعلها – بعد التهذيب- تنال رضى جمهور العلماء، فليس من مؤلف بعده إلا عيالا عليه. والحق أن الصورة التي تعطيها مغازيه عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم تقترب إلى حد كبير من ما أوردته كتب الحديث الصحيحة مما يعطي سيرته توثيقا كبيرا"(5).

 

 

هوامش ..................

(1) وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، لابن خلكان، 3/177. الأعلام، للزركلي، 4/166.

(2) الروض الأُنف، 1/22.

(3) هو: أبو محمد زياد بن عبد الله بن الطفيل البكّائي العامري الكوفي صاحب رواية السيرة النبويّة عن ابن إسحاق. وهو أتقن من رواها عنه، قال ابن معين: ثقة في إسحاق، فأمّا في غيره فلا! وروى له البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة، وكانت وفاة أبي محمد المذكور في سنة 283هـ بالكوفة، رحمه الله تعالى.. الوافي بالوفيات، صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي، ترجمة رقم: 4593، 11/10. وفيات الأعيان، 338-339.

(4) سيرة ابن هشام، 1/22.

(5) المجتمع المدني في عهد النبوة، أكرم ضياء العمري، ص47.

 

د.رشيد كهوس

المقال نشر في صحيفة المثقف الصادرة عن مؤسسة المثقف العربي بأستراليا، العدد: 2420، الأحد 21 أبريل 2013.



المنشورات ذات الصلة