محطات بارزة في تاريخ المسجد الأقصى المبارك

 

 

 

 

كان بيت المقدس من قبل محطّ أرقِّ الذكريات الإسلامية، والمعجزات الربانية، والمشاعر الروحية.. أما اليوم فهو كسير الفؤاد متعب قد لفَّه الصمت والحزن..

إن خروج بيت المقدس من أيدينا يؤلمنا، ورؤيته أسيرا بيد اليهود الغاصبين والصهاينة المعتدين يذيب القلب من الكمد. إنه بوضعه الحالي غريب سواء أسكبنا الدموع حزنا عليه أم صلينا في فنائه وحرمه المبارك! وهو يعيش أكثر أنواع الأسر قسوة وألما.. إن الوضع الحالي للقدس الشريف يشبه منظر شخص يرنو ببصره إلينا ولا يستطيع أن ينطق بما في قلبه.. ومع كل هذا فإنه لم يكن الظلام في أي وقت من الأوقات أو يوم من الأيام خالدا، ولا يمكن أن يكون أو يستمر إلى الأبد... لذا فإنه حتى في أظلم لحظة من هذه الحلكة والدلجة التي تعيشها الأمة المسلمة عامة وبيت المقدس خاصة... فإن هناك أنوارا تطرف بعيونها لنا، وتُومئ لنا من بعيد، وأنفاسا صبحية تملأ أرواحنا وتشرح صدورنا، ونسائم تقوّي عزائمنا وترفع هممنا، بعودة بيت المقدس إلينا وعودة الأقصى المبارك إلى رحاب الأمة في صبح مشرق. 

إن الورد يتفتح، وإن زهر الربيع يخضر، ولا شك أن لبيت المقدس نصيبه من هذه الخضرة التي بدأت تنتشر في كل مكان، وإن يوم الوصال لقريب بعد أيام البعد والهجران والفراق الذي عاشه بيت المقدس ويعيشه. وها هي أبوابه تنفرج قليلا قليلا، وها هي شعاعات شمسه بدأت تلوح في الأفق...

إن المرء لن يبلغ الفجر إلا عن طريق الليل، فالظلام بداية النور، والابتلاء بداية النصر، وبعد العسر يسرا، وما نراه اليوم من ظلام دامس خيم على سماء بيت المقدس لأمارات -لا تكذب- على الفجر الصادق، وعودة القدس إلى حضن الأمة المسلمة معززة مكرمة مشرفة...  يقول الحق جل وعلا: ((وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ في الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ في الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا * فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولا * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا * إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا * عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا))[سورة الإسراء:4-8]، إنه الوعد الحق.

ستعود لنا القدس العتيقة ولو خانها الصديق، وتكالب عليها كل وغد صفيق، وكثر حولها النعيق...

ستعود لنا القدس ويبزغ في أرجائها فجر حقيق، ويخضر زهر الربى الأنيق، ويعود لها مجدها العريق، وتقصدها الأمة من كل فج عميق، إنه وعد إلهي وثيق.. 

فهل حان النهوض من نومنا العميق... فأعداؤنا يريدون منا أن لا نفيق.. ولا نتمسك بديننا كما يليق.. فهل تسير الأمة وراء من ضل الطريق.. أم على خطى حبيبها فتهتدي إلى سبيل التوفيق...

القدس تنادينا فهل نستفيق!!

د.أبو اليسر رشيد كهوس

 



المنشورات ذات الصلة